في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات بحثًا عن الظهور، يطل المحامي الشاب مصباح القربة كصوت مختلف، لا يرفع شعارات ولا يبحث عن ضوءٍ عابر، بل يبني حضوره على أساسٍ من الفهم العميق للمهنة، والإيمان برسالتها الأخلاقية والإنسانية، فعلى الرغم من أنه مايزال شابا، إلا أن اسمه بات مألوفًا في مجتمع المحامين، يرتبط بالمثابرة والعلم والانضباط المهني.
منذ خطواته الأولى في عالم المحاماة، أدرك القربة أن القانون ليس مجرد نصوص جامدة، بل حياة كاملة تنبض بالقصص والتجارب، وأن الدفاع عن الحقوق لا يتحقق فقط في قاعة المحكمة، بل أيضًا عبر توعية الجيل الجديد من المحامين وإعدادهم فكريًا ومهاريًا. لذلك حرص على توظيف أدوات العصر الحديث في خدمة المهنة، فكانت فيديوهاته القانونية منبرًا للتثقيف المهني، تجمع بين الرصانة الأكاديمية والبساطة في العرض، لتصل المعلومة إلى المتلقي دون تكلف أو مبالغة.
ويُحسب له أنه استطاع أن يجسر الفجوة بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي، مقدّمًا محتوى يستمد قوته من التجربة اليومية في ساحات المحاكم، فهو لا يكتفي بشرح المواد القانونية، بل يغوص في كواليس العمل القضائي، موضحًا كيف يُترجم النص إلى دفاعٍ ناجح أو مذكرةٍ محكمة الصياغة.
كتاب استراتيجية البراءة

وفي كتابه “استراتيجية البراءة”، نقل مصباح القربة خلاصة تجربته ورؤيته للمرافعة الجنائية، فجمع فيه بين المنهج التحليلي والتجربة الشخصية، مستهدفًا فئة المحامين الشباب في بداياتهم. وقد جاء الكتاب بمثابة خارطة طريق مهنية، تدعو القارئ إلى التفكير الاستراتيجي في القضايا، لا إلى تكرار النماذج الجاهزة، وتغرس فيه روح البحث والابتكار في بناء الدفاع.
محكمة تدريبية
ولأن التعليم بالممارسة أبلغ من أي محاضرة، أنشأ القربة محكمة تدريبية داخل مكتبه، شارك فيها كبار المحامين، لتكون تجربة واقعية تحاكي جلسات المرافعة وأساليب الدفاع. هذه المبادرة التي انطلقت من فكرة صغيرة تحولت إلى نموذج ملهم لتأهيل المحامي الشاب، حظيت بإعجاب واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، لما حملته من جدية وتجديد في أساليب التعلم القانوني.
ويصفه زملاؤه بأنه شغوف بالمحاماة حدّ التفرغ لها، يؤمن أن المهنة ليست وسيلة للرزق فقط، بل قضية التزام وموقف ومسؤولية تجاه المجتمع. لذلك تجد في حديثه احترامًا لتاريخ المهنة، وإصرارًا على صون قيمها من التسرع والسطحية؛ فهو يرى أن المحامي الحقيقي ليس من يحفظ القوانين، بل من يفهم روح العدالة ويملك الجرأة على نصرتها.

لقد نجح مصباح القربة في أن يجعل من تجربته الشخصية رسالة مهنية محفّزة لجيله، يذكّرهم أن طريق النجاح في المحاماة لا يُختصر بالشهرة، بل يبدأ من حب المهنة والإيمان بقدسيتها، وأن كل خطوة صغيرة في مسار التعلم هي لبنة في صرح كبير عنوانه “العدالة”.

تجربة مصباح القربة وما يماثلها من مبادرات شابة في الوسط القانوني، تؤكد أن المهنة لا تزال تنبض بالحياة، وأن بين صفوفها طاقات تؤمن بالعلم والعمل والمشاركة في تطوير أدوات المحامي المعاصر. ومثل هذه الجهود لا ينبغي أن تُقابل بالنقد الأعمى أو التثبيط، بل تستحق الدعم والتوجيه والرعاية، فالإبداع المهني يولد حين يجد بيئة تشجعه وتمنحه الثقة لا حين يُحاصر بالشك والاتهام، فمستقبل المحاماة لن يصنعه الجمود، بل أولئك الذين يجرؤون على التجريب بوعي، ويضيفون إلى المهنة بصدق وإخلاص.

وفقكم الله وتقبل منكم