النقابات الفرعية_ الديمقراطية بكُل مكوناتها هي جوهر رسالة المُحاماة مُنذ نشأتها، والتى سبقت نشأة النقابة بثمانية وعشرون عاماً، وهذا ما أنعكس على فلسفة إدارة النقابة في أول قانون للمحاماة صدر مُنظماً للمهنة والنقابة.
فالمُحامي شريك في إدارة نقابته، والجمعية العمومية هي صاحبة الكلمة العليا في الرقابة على مجلس النقابة دون غيرها.
فمجلس النقابة يُنتخب من الجمعية العمومية أنتخاب حُر مُباشر ولا رقيب عليه سوى للجمعية العمومية.
والنقيب والمجلس ينوبون متطوعون عن أعضاء الجمعية العمومية في إدارة شئون النقابة.
وكُل مُحامي عضو جمعية عمومية يُدرك قدره ومكانته سواء أمام ذاته أو أمام جمعيته العمومية والتى كانت تُقدر قياداتها ورموزها من كبار رجال المهنة.
وكانت المُنافسة الانتخابية تشتد أحياناً على مقاعد النقابة العامة سواء على مقعد النقيب أو مقاعد العضوية وذلك للأهمية السياسية والأدبية لهذة المقاعد وخاصة وأن كثير من المُحامين كانوا يباشروا العمل السياسي.
أما النقابات الفرعية فكان الهدوء والإيثار هو الغالب وظل الأمر كذلك حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي.
فمن خمسون عاماً تقريباً وبتاريخ 27/5/1976 تُعلن نتيجة أنتخابات واحد وعشرون نقابة فرعية ( وهي النقابات التى كانت موجودة وقتها وفقاً لعدد المحاكم الابتدائية).
والمفاجأة هي فوز النقيب في إحدى عشر نقابة فرعية بالتزكية وهي نقابات ( دمياط – بورسعيد – دمنهور – الاسماعيلية – كفر الشيخ – القليوبية “بنها” – المنوفية “شبين الكوم” – الفيوم – بنى سويف – أسيوط – قنا)
ومن هذة النقابات ال (11) كانت هناك نقابتين نجح المجلس بالكامل بجانب النقيب بالتزكية وهى نقابات (الاسماعيلية – والقليوبية “بنها”)
وكان هناك نقابة واحدة تم فتح باب الترشيح من جديد لأستكمال عدد المُرشحين وهى نقابة (السويس).
فمن خمسون عاماً كانت هناك حالة زهد فى المنصب النقابى وحالة إيثار بين الزملاء بعضهم البعض.
وقد بدأ التكالب تدريجياً على المنصب فى الثمانينات من القرن الماضي ثم اشتد وتطور إلى صراع في التسعينات بعد دخول اليمين واليسار السياسي إلى ساحة العمل النقابى وتصاعد حدة المُنافسة فيما بينهم، وفى بداية التسعينات حدث إنقلاب جذري فى قواعد العمل النقابي وبداية من 2001 ترسخ هذا الأنقلاب وبدأت حالة استقطاب حادة وفى هذا المناخ طغت المادة، سواء فى الدعاية الشخصية للمرشح أو فى مُحاولة أستقطاب اعضاء الجمعية العمومية.
وبدأ طغيان المادة على استحياء فى بداية الأمر في صورة اطعام الفم “عزومات” أو فى صورة هدايا عينية، ثم بدأ الأمر يتصاعد تدريجياً إلى أن وصل إلى إراقة مئات الالاف من الجنيهات فى العملية الانتخابية.
ففي الماضى كان المرشح يُخاطب عقل المُحامى ووجدانه ثم تطور الأمر إلى مُخاطبة معدته واحتياجاته المادية، والسبب فى ذلك يرجع إلى اختلاف النظرة إلى المنصب، ففي البداية كان المنصب تكليف من الجمعية العمومية لأحد افرادها لكى ينوب عنهم فى إدارة “مصالحهم النقابية” وقد أنقلب الأمر مع الوقت إلى تشريف لمن يتبوأ هذا المنصب ومن خلاله يستطيع أن يُدعم شبكة علاقاته مع الجهات والسلطات ومن ثم أصبح المنصب مصدر دخل ووسيلة لزيادة الرزق وبالتالي فلا مانع من الانفاق ببذخ من أجل النجاح وفى وسط هذة التوهه تاهت رسالة المحاماة.
بقلم/ مجدي عبد الفتاح المهدي المحامي بالنقض.
